الحلقة الاولي :-
المقدمة
أحمد الله تبارك وتعالى الذي أنزل الكتاب الكريم تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمةً للمؤمنين وجعله منهجاً قويماً وصراطاً مستقيماً يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه .. واصلي وأسلم على سيدنا محمد عبد الله ورسوله المتحدث عن الله والناطق بوحي الله ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحابته الذين جعلوا القرآن قبلة قلوبهم والمرجع الأول في جميع شئونهم فرضي الله عنهم وأنزلهم منازل الصدق في جنات النعيم .
وبعد ..
فإن كتاب الله الكريم هو النور والضياء وفي آياته يكمن الهدى والشفاء ما تلاه مؤمن بتدبير ويقظة إلا استنار قلبه وأشرق وجدانه وازداد إيمانه وقوي يقينه وطهُرَتْ سريرته وكَرُمَتْ علانيته وعلت عند الله منزلته وتولاّه الله في دنياه بالرعاية والتأييد .
وهذه لمعات من أنواره ونفحات من أسراره تمثلت في إيضاح وتبسيط المعاني واستجلاء مواطن الهداية وكشف مكامن العبرة مع الاتجاه به أيضاً اتجاهاً تطبيقياً عملياً فلقد وقع اختياري على موضوع البحث وهو يدور حول الإعجاز العددي في القرآن الكريم وكان الدافع لاختياري هذا الموضوع هو قربي من كتاب الله حباً وتعظيماً والعمل بحديث نبيه حفظاً وتعليماً وحيث أن هذا الموضوع موضوع شائك شائق مما أستوجب مني التوجه إلى أصحاب الرأي والمشورة ممن فتح الله عليهم أبواب نعمته وأرشدهم بفضل هدايته ليكونوا لي خير معين فلم يبخلوا علي برأيهم وإسداء نصحهم وكان من توفيق الله سبحانه وتعالى أن جعلني ممن استمعوا واستجابوا لأمره العظيم بالتدبر في القرآن الكريم فزاد إيماني على ما كان وتأكدت أمراً يستوقف النظر ويثير الفكر ويحتاج إلى التأمل والتدبر من ناحية العدد والإحصاء فوجدت شيئاً تعجز عن إداركه الطاقة وتفوق دراسته حدود الإستطاعة ولقد حار فكري رغم كل التيسيرات والتسهيلات التي وضعت بين يدي وقفزت من عقلي وقلبي تساؤلات دلالاتها كالجبال بل هي أثقل ، هذه التساؤلات : كيف أبدأ ، ومن أين وماذا أكون في هذا الخضم الزاخر وكيف أواجه هذا النور المبهر الذي أحاطني باختياري لموضوع بحثي . وكيف لا أصاب بالعجز والشعور بالضعف والضعة وأنا أقدم على الحديث عن سر الإعجاز في هذا الكتاب الذي قهر عقول الجبابرة ولفت هذا العجز عقول العلماء فغاصوا يبحثون عنه سواء من القدماء أو المحدثين .
وما كنت أدري أن التناسق والإتزان يشمل كل ما جاء في القرآن الكريم, فكلما بحثت في موضوع وجدت عجباً أغرب في إدراك سر التوازن والتناسق والتقابل العددي المعجز لألفاظ القرآن الكريم مع اتساقها في ذات الوقت مع سياقها الموضوعي التي وردت فيه فأي قوة يمكنها أن تحدد أعداد هذه الألفاظ ونسق حروفها وقوة صلتها بسياقها ثم توزعها هذا التوزيع الدقيق منفردة ومتباعدة في مختلف آي القرآن ثم يأتي مع ذلك كله قمة في البلاغة والبيان وروعة في الصياغة والإتقان ولقد كان هذا الموضوع في جانب منه موضع اهتمام سلفنا من العلماء إذ تتبعوا النظم القرآني في حروفه وكلماته ليدركوا تلاؤم الحرف مع المعنى والمقصد .. كما في عنايتهم الشديدة في أبحاثهم عن سر حرف من حروف القرآن ولا كلمة إلا حصروها وعدّوا جملة تكرار كل حرف فيه على حدة ، وعدّوا نقط الحروف المنقوطة منه : ومن يرجع مثلا إلى كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز أبادي وكتاب الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطي وكذلك كتابه المزهر في علوم اللغة وأنواعها أو كتاب الخصائص لابن جني سيجد صورة صادقة لجهد علماء السلف في هذا المجال لكن هذا التطور الحاصل اليوم في مجال التقني للحاسوبات أغرى الباحثين باستكمال ما بدأه الأوائل .
وقد جعلت بحثي هذا مقسما إلى تمهيد وفصلين وخاتمة .
فالتمهيد تحدثت فيه عن فطرة العد عن الإنسان وأن آدم عليه السلام عرف الأعداد ومسمياتها والأرقام ومدلولاتها كما جاء في قوله تعالى ( وعلم آدم الأسماء كلها ) .
والمقدمة ذكرت فيها سبب اختياري لهذا البحث .
والخاتمة ذكرت فيها النتائج التي توصلت إليها وما استفدته من هذا البحث .
التمهيد : الاعتياد الفطري للعد لدى الإنسان .
وقد تضمن الفصل الأول ما يأتي :
المبحث الأول : براعة الاستهلال وحسن الخاتمة .
المبحث الثاني : فواتح السور ودلالاتها وعلاقتها العددية .
ويتضمن الفصل الثاني :
المبحث الأول : المقبول والمردود من نتاج الأعداد .
المبحث الثاني : دلالة الترقيم العددي في القرآن الكريم .
المبحث الثالث : التقابل والتوافق والترابط بين ألفاظ القرآن الكريم .
وفي الخاتمة حاولت أن ألخص محتوى البحث في سطور موجزة نظراً لصعوبة حصر الإعجاز العددي في الكتاب الكريم ومعرفة جميع الدلالات العددية فيه فما كان مني إلا أن أوجزت ما أدركه عقلي القاصر في سطور علَّ قارئها يلتمس لي العذر في عجزي عن الغوص في هذا البحر الخضم .
وبعد .. فإني أنحني بإجلال وعظيم امتنان للأساتذة الذين لم يبخلوا علي بالنصح والمشورة وأخص بالذكر الدكتور الفاضل طـه عبدا لله الذي كان عضدي وساعدي للوصول بهذا الجهد على ما هو عليه الآن ,
ومن بعد فإني أقول قول ابن الخباز في شرح اللمع ( ومن عثر لي على عثرة فليكن العاثر عاذراً غافراً لزللها وسادّّّّاً لخللها فإن السعيد من عدَّت سقطاته ) .
نسأل الله العلي القدير أن يهدينا إلى سواء السبيل
إنه نعم المولى ونعم النصير
صباح أحمد المهدي
التمهيد
الاعتياد الفطري للعد لدى الإنسان
الأعداد فطرة في الإنسان
أولاً( العلم لا يعرف تحديداً متى بدأ الإنسان معرفة الأعداد واستخدام الأرقام وممارسة الحساب ، وأن أول آثار الاكتشاف وأقدم الرموز التاريخية تشير أن الإنسان كان يعرف البعض عنها ، إلا أن التدبر والتفكر فيما كان واستخدام العقل والمنطق والتأمل فيما جاء به القرآن الكريم ليؤكد أن آدم أول البشر عرف الواحد وأنه يشير إلى ما لا ثاني له .. فالله واحد .. وعرف أنه مع حواء فهما زوج .. أي اثنين ، وتعلم الحساب يقيناً بما علمه الله من أسماء .. فالأعداد ومسمياتها والأرقام ومدلولاتها .. حيث علم الله لآدم الأسماء كلها في مثل ما جاء بالنص الشريف : وَعَلّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلُّهَا "1"
فكل الأعداد تتكون من العشرة بداية من الواحد وانتهاء بالعشرة .. إذ أن كل ما فوقها إنما يتركب منها هي .. لاغيرها .. وتجمع منها لا من سواها .. فأحد عشر هي عشرة مع واحد .. والعشرون هي عشرتان وهكذا إلى ما لا نهاية .. فالأرقام تتغير أوضاعها لتختلف أعدادها ولكنها كلها من واحد إلى عشرة ، فإن الله سبحانه وتعالى خلق هذا العدد للإنسان في الإنسان وجعله في يديه وأمام ناظريه فأصابع يديه عشر يعد عليها وبفطرة الإنسان التي خلق عليها يعد الطفل وهو يتعلم الحساب على أصابعه ما يريد من أعداد ، وجعل للإنسان في فمه عدداً من القواطع والآخر من الأنياب ومجموعة من الضروس المختلفة في فكيه الأعلى والأسفل ويعدها في فمه وفم غيره وخلق الله للإنسان عينين اثنين .. ولساناً واحداً .. وشفتين .. ووجه نظره إلى هذه الحقائق فيقول عز من قائل :
ألم نَجـْعل لـَّه عَيْنَيْنٍ ولِسَاناً وشَـفـَتَيْنِ " "1"
فإنَّ حديث الأرقام لا كذب فيه ... وناتج العد والحساب لا خوف منه ولا خلاف عليه والقرآن الكريم .. كما أورد الأعداد .. كلها .. والأرقام جميعها فإنه دعا إلى العد والحساب ) "2"
الأعداد في القرآن :
( كما أورد القرآن الكريم كل أصول وحقائق العلوم المختلفة فقد أورد كذلك الأعداد باعتبارها أصول علم الحساب .. وأساس الأرقام .. وعلامة الترقيم) "1"
( ومن المعلوم أن الأعداد إما أن تكون مفردة من 1 إلى 10 ، أو مركبة من 11 إلى 19 أو ألفاظ عقود من ثلاثون إلى تسعون أو مئات أو ألوفا أو أن تكون مثل نصف أو ثلث أو ربع الخ الخ وجميع ما ذكر أعلاه وارد في القرآن الكريم . أما ألفاظ المليون وما زاد عنه فلا توجد في القرآن الكريم لأنها ألفاظ غير عربية ، ولم يكن يعرفها العرب ، فإذا أرادوا أن يقولوا مليونا فيقولون : ألف ألف ، وخمسة ملايين يقولون عنها خمسة آلاف ألف .. وهكذا ."2"
وقد وردت الأعداد في القرآن الكريم منها :
* الأعداد المفردة : ( من 1 إلى 10 ) وردت كل هذه الأعداد في كتاب الله تعالى مثل العدد (1) ورد في النص الشريف :
قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ "3"
والعدد إثنان ورد في مثل النص الكريم :
وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ "4"
والعدد ثلاثة ورد في مثل النص الشريف :
لاَ تُقولُوا ثلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ "5"
والعدد أربعة ورد في مثل قوله تعالى :
فَسِيحُوا فِي الأرضِ أربَعةَ أشهُرٍ "6"
والعدد خمسة ورد في مثل قوله تعالى :
ويَقُولُونَ خَمْسَةٌو سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ "1"
والعدد ستة ورد في مثل قوله تعالى :
إنَّ ربَّكُمُ اللَّهُ الذِي خلقَ السماواتِ والأرضَ فِي سِتَّةِ أيَّامٍ "2"
والعدد سبعة ورد في مثل قوله تعالى :
لَهَا سَبْعَةُ أبْوابٍ لِّكلّ بَابٍ مِّنْهُم جـُزْءٌ مَّــقْسُوم ٍ "3"
والعدد ثمانية ورد في مثل قوله تعالى :
ويَحْـمِـلُ عَــرْشَ رَبِّكَ فَوقَهُـمْ يَوْمـَـئِذٍ ثمَــانِيَةٌ "4"
والعدد تسعة ورد في مثل قوله تعالى :
وكَانَ فِي الْمدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلحُِونَ "5"
والعدد عشرة ورد في مثل قوله تعالى :
لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَاقَدتُّمُ الأيْمانَ فَكَفَّارتُهُ إِطعَامُ عشْرةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهْليِكُمْ أو كِسْوتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ "6"
( فهذه هي أصول الأعداد كلها وأسس المحاسبات جميعها .. فالقرآن الكريم يهدف دائماً إلى توجيه نظر الإنسان إلى البحث والدراسة والمعرفة فقد أورد القرآن بعض الأعداد المركبة من رقمين حتى تتَّسِع أمام الإنسان رقعة التفكير في العمل الحسابي والإستمرار في الإستخدام العددي )" "1"
• الأعداد المركبة من 11 على19 ورد منها ألفاظ الأعداد التالية
• كقوله تعالى:
• إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبَتي إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَر كَوْكَبًا والشَّمسَ والْـقَمـَرَ رأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ "2"
• والعدد اثني عشر ورد في مثل قوله تعالى :
إِنَّّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّه اثْنَا عَشْر شَهْراً في كِتاَبِ اللَّّّهِ "3"
• والعدد تسعة عشر ورد في النص الكريم :
وَما أَدْرَيكَ ما سَقَرُ لاَ تُبْقيِ ولا َتَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ "4"
• ألفاظ العقود من 20 إلى 90 وردت جميعها في كتاب الله سبحانه وتعالى ومن الأمثلة على ذلك :
والعدد 20 ورد في قوله تعالى :
يَأيُّها النَّبِيُّ حـِّرضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلى الْقِتَالِ إِن يَّكُن مـِّنكُمْ عِشْرُونَ صـَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِـاْئَتَيْنِ "5"
والعدد 30 ورد في قوله سبحانه وتعالى :
وَوَ صَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِـدَيْهِ إِحْسَانًا حَملَتْهُ أمُّـّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُـهُ وَفِصَالُـهُ ثَلاَثُونَ شَهْـراً "1"
"والعدد أربعون ورد في قوله تعالى :
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذتُّمُ الْعِجْـلَ مِـن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ "2"
والعدد خمسون ورد في قوله تعالى :
ولقَدْ أَرْسَلْـنَا نُوحاً إِلىَ قَومِهِ فَلبِثَ فِيهِم ألْـفَ سَنَةٍ إِلاَّ خـَمْسِينَ عَاماً فأخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ "3"
والعدد سبعون ورد في قوله تعالى :
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ "4"
والعدد ثمانون ورد في قوله تعالى :
والَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جـَلْدةً ولَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ""5"
والعدد تسعون جاء في قوله تعالى :
إِنَّ هـَذا أخِي لـَهُ تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجـَةٌ ولِي نَعْجـَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيَها وَعَزَّنِي فِي الْـِخِطَابِ "6"
بل أورد القرآن الكريم أيضاً بعض الآيات المركبة من ثلاث أرقام فقد جاء في المئات قوله تعالى :
فأَمـَاتَهُ اللَّهُ مِـاْئَةَ عـَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مـِاْئةَ عَـامٍ "1"
والعدد ثلاثمائة ورد في النص :
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَمَائـَةٍ سِنِينَ وازْدَادَوُا تِسْعاً "2""
وأورد كذلك الأعداد المركبة من أربعة أرقام :
فلقد جاء ذكر العدد ألف وأيضاً العدد ألفين في النص الشريف :
وَإِن يَّكُن مـِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مـَعَ الصَّابِرِينَ "3"
وثلاثة آلاف ورد ذكرها في النص الشريف :
إِذْ تَقُــولُ لِلْمـُؤْمـِنِينَ أَلَن يَّكْفِيكُمْ أَن يُّمـِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آَلَافٍ مِّـنَ الْمَلاَئَِكَةِ مُنزِلِـينَ "4"
والخمسة آلاف جاء ذكرها في قوله تعالى :
بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّـن فَوْرِهِمْ هـَذَا يُمْـدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخـَمْسَةِ آَلاَفٍ مِّـنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوَّمـِينَ "5"
بل أورد القرآن الكريم العدد المركب من خمسة أرقام وذلك في قوله تعالى :
وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِـاْئـِةِ أَلْـفٍ أَوْ يَزِيدُونَ "6"
وكقوله تعالى :
( تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِـقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) "1"
وكقوله تعالى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِـن دِيَارِهِمْ وَ هُم ْأُلـُوفٌ حَـذَرَ الْمَـوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مـُوتُوا ثُمَّ أَحَيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ "2"
وكما ورد الأعداد الصحيحة في القرآن الكريم وردت كسور الأعداد فورد نصف/ ثلث/ ربع/ خمس/ سدس/ ثمن/ عشر/ ثلثان/ وأكثر هذه الكسور موجودة في آيات المواريث ..
وورد النصف في قوله تعالى :
وَلَكُمْ نِصْفُ مـَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ "3"
وذكر القرآن الثلث في قوله تعالى :
إِن لَّمْ يَكُن لَّـهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ "4"
وذكر القرآن الربع في قوله تعالى :
فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرٌّبُعُ مـَمَّا تَرَكْنَ "5"
وورد الخمس في قوله تعالى :
وَاعْـلَموا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّـن شَيْءٍ فَإِنَّ لِلهِ خُمُسَهُ "6
"وورد السدس في قوله تعالى فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأِمِّهِ السُّدُسُ ) "7"
وذكر القرآن الثمن في قوله تعالى :
فَإِن كَانَ لـَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِـمَّا تَرَكْتُمْ "1"
( ولا يوجد في القرآن الكريم لفظ "عشر" بضم فسكون , إنما الذي في القرآن لفظ "معشار" وآيته من القرآن الكريم ) "2"
وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَاآَ تَيْنَاهُمْ فكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ نَكِيرِ "3"
قال الجوهري: " ومعشار الشيء عشره " "4" وقال القاموس " والعُشْرُ جزءُ منْ عشرةُ كالمِعْشَارِ والعُشْرُ " والمعشار والعشر سواء .
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا أَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُليِ فَكَيْفَ
كَانَ نَكِير .
فيكون المعنى كما نص عليه الزمخشري " وما بلغ هؤلاء مثلما آتينا أولئك من طول الأعمار وقوة الأجرام وكثرة الأموال فحين كذّبوا رسلهم جاءهم إنكاري بالتدمير والاستئصال ولم يغن عنهم استظهارهم لما هم به مستظهرون فما بال هؤلاء ؟ "
والهدف : لا مفهوم للعدد بل هو كناية عن أقل نسبة تذكر مما أوتيه هؤلاء بالقياس إلى ما أوتيه سابقوهم من الأمم الخالية .
وقد ورد لفظ مثنى وثلاث ورباع في قوله تعالى :
( الحَمْدُ للّهِ فَاطِرِ السَّماوَاتِ والأرْضِ جَاعِلِ المَلائكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ) "5"
وهكذا يذكر القرآن الأعداد للإنسان .. وأن فيما أورده .. إنما يتكون منه ما يمكن أن يستخدمه أو يصل إليه الإنسان من أرقام وحتى إلى نهاية الزمان .
المقدمة
أحمد الله تبارك وتعالى الذي أنزل الكتاب الكريم تبياناً لكل شيء وهدىً ورحمةً للمؤمنين وجعله منهجاً قويماً وصراطاً مستقيماً يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه .. واصلي وأسلم على سيدنا محمد عبد الله ورسوله المتحدث عن الله والناطق بوحي الله ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحابته الذين جعلوا القرآن قبلة قلوبهم والمرجع الأول في جميع شئونهم فرضي الله عنهم وأنزلهم منازل الصدق في جنات النعيم .
وبعد ..
فإن كتاب الله الكريم هو النور والضياء وفي آياته يكمن الهدى والشفاء ما تلاه مؤمن بتدبير ويقظة إلا استنار قلبه وأشرق وجدانه وازداد إيمانه وقوي يقينه وطهُرَتْ سريرته وكَرُمَتْ علانيته وعلت عند الله منزلته وتولاّه الله في دنياه بالرعاية والتأييد .
وهذه لمعات من أنواره ونفحات من أسراره تمثلت في إيضاح وتبسيط المعاني واستجلاء مواطن الهداية وكشف مكامن العبرة مع الاتجاه به أيضاً اتجاهاً تطبيقياً عملياً فلقد وقع اختياري على موضوع البحث وهو يدور حول الإعجاز العددي في القرآن الكريم وكان الدافع لاختياري هذا الموضوع هو قربي من كتاب الله حباً وتعظيماً والعمل بحديث نبيه حفظاً وتعليماً وحيث أن هذا الموضوع موضوع شائك شائق مما أستوجب مني التوجه إلى أصحاب الرأي والمشورة ممن فتح الله عليهم أبواب نعمته وأرشدهم بفضل هدايته ليكونوا لي خير معين فلم يبخلوا علي برأيهم وإسداء نصحهم وكان من توفيق الله سبحانه وتعالى أن جعلني ممن استمعوا واستجابوا لأمره العظيم بالتدبر في القرآن الكريم فزاد إيماني على ما كان وتأكدت أمراً يستوقف النظر ويثير الفكر ويحتاج إلى التأمل والتدبر من ناحية العدد والإحصاء فوجدت شيئاً تعجز عن إداركه الطاقة وتفوق دراسته حدود الإستطاعة ولقد حار فكري رغم كل التيسيرات والتسهيلات التي وضعت بين يدي وقفزت من عقلي وقلبي تساؤلات دلالاتها كالجبال بل هي أثقل ، هذه التساؤلات : كيف أبدأ ، ومن أين وماذا أكون في هذا الخضم الزاخر وكيف أواجه هذا النور المبهر الذي أحاطني باختياري لموضوع بحثي . وكيف لا أصاب بالعجز والشعور بالضعف والضعة وأنا أقدم على الحديث عن سر الإعجاز في هذا الكتاب الذي قهر عقول الجبابرة ولفت هذا العجز عقول العلماء فغاصوا يبحثون عنه سواء من القدماء أو المحدثين .
وما كنت أدري أن التناسق والإتزان يشمل كل ما جاء في القرآن الكريم, فكلما بحثت في موضوع وجدت عجباً أغرب في إدراك سر التوازن والتناسق والتقابل العددي المعجز لألفاظ القرآن الكريم مع اتساقها في ذات الوقت مع سياقها الموضوعي التي وردت فيه فأي قوة يمكنها أن تحدد أعداد هذه الألفاظ ونسق حروفها وقوة صلتها بسياقها ثم توزعها هذا التوزيع الدقيق منفردة ومتباعدة في مختلف آي القرآن ثم يأتي مع ذلك كله قمة في البلاغة والبيان وروعة في الصياغة والإتقان ولقد كان هذا الموضوع في جانب منه موضع اهتمام سلفنا من العلماء إذ تتبعوا النظم القرآني في حروفه وكلماته ليدركوا تلاؤم الحرف مع المعنى والمقصد .. كما في عنايتهم الشديدة في أبحاثهم عن سر حرف من حروف القرآن ولا كلمة إلا حصروها وعدّوا جملة تكرار كل حرف فيه على حدة ، وعدّوا نقط الحروف المنقوطة منه : ومن يرجع مثلا إلى كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز أبادي وكتاب الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطي وكذلك كتابه المزهر في علوم اللغة وأنواعها أو كتاب الخصائص لابن جني سيجد صورة صادقة لجهد علماء السلف في هذا المجال لكن هذا التطور الحاصل اليوم في مجال التقني للحاسوبات أغرى الباحثين باستكمال ما بدأه الأوائل .
وقد جعلت بحثي هذا مقسما إلى تمهيد وفصلين وخاتمة .
فالتمهيد تحدثت فيه عن فطرة العد عن الإنسان وأن آدم عليه السلام عرف الأعداد ومسمياتها والأرقام ومدلولاتها كما جاء في قوله تعالى ( وعلم آدم الأسماء كلها ) .
والمقدمة ذكرت فيها سبب اختياري لهذا البحث .
والخاتمة ذكرت فيها النتائج التي توصلت إليها وما استفدته من هذا البحث .
التمهيد : الاعتياد الفطري للعد لدى الإنسان .
وقد تضمن الفصل الأول ما يأتي :
المبحث الأول : براعة الاستهلال وحسن الخاتمة .
المبحث الثاني : فواتح السور ودلالاتها وعلاقتها العددية .
ويتضمن الفصل الثاني :
المبحث الأول : المقبول والمردود من نتاج الأعداد .
المبحث الثاني : دلالة الترقيم العددي في القرآن الكريم .
المبحث الثالث : التقابل والتوافق والترابط بين ألفاظ القرآن الكريم .
وفي الخاتمة حاولت أن ألخص محتوى البحث في سطور موجزة نظراً لصعوبة حصر الإعجاز العددي في الكتاب الكريم ومعرفة جميع الدلالات العددية فيه فما كان مني إلا أن أوجزت ما أدركه عقلي القاصر في سطور علَّ قارئها يلتمس لي العذر في عجزي عن الغوص في هذا البحر الخضم .
وبعد .. فإني أنحني بإجلال وعظيم امتنان للأساتذة الذين لم يبخلوا علي بالنصح والمشورة وأخص بالذكر الدكتور الفاضل طـه عبدا لله الذي كان عضدي وساعدي للوصول بهذا الجهد على ما هو عليه الآن ,
ومن بعد فإني أقول قول ابن الخباز في شرح اللمع ( ومن عثر لي على عثرة فليكن العاثر عاذراً غافراً لزللها وسادّّّّاً لخللها فإن السعيد من عدَّت سقطاته ) .
نسأل الله العلي القدير أن يهدينا إلى سواء السبيل
إنه نعم المولى ونعم النصير
صباح أحمد المهدي
التمهيد
الاعتياد الفطري للعد لدى الإنسان
الأعداد فطرة في الإنسان
أولاً( العلم لا يعرف تحديداً متى بدأ الإنسان معرفة الأعداد واستخدام الأرقام وممارسة الحساب ، وأن أول آثار الاكتشاف وأقدم الرموز التاريخية تشير أن الإنسان كان يعرف البعض عنها ، إلا أن التدبر والتفكر فيما كان واستخدام العقل والمنطق والتأمل فيما جاء به القرآن الكريم ليؤكد أن آدم أول البشر عرف الواحد وأنه يشير إلى ما لا ثاني له .. فالله واحد .. وعرف أنه مع حواء فهما زوج .. أي اثنين ، وتعلم الحساب يقيناً بما علمه الله من أسماء .. فالأعداد ومسمياتها والأرقام ومدلولاتها .. حيث علم الله لآدم الأسماء كلها في مثل ما جاء بالنص الشريف : وَعَلّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلُّهَا "1"
فكل الأعداد تتكون من العشرة بداية من الواحد وانتهاء بالعشرة .. إذ أن كل ما فوقها إنما يتركب منها هي .. لاغيرها .. وتجمع منها لا من سواها .. فأحد عشر هي عشرة مع واحد .. والعشرون هي عشرتان وهكذا إلى ما لا نهاية .. فالأرقام تتغير أوضاعها لتختلف أعدادها ولكنها كلها من واحد إلى عشرة ، فإن الله سبحانه وتعالى خلق هذا العدد للإنسان في الإنسان وجعله في يديه وأمام ناظريه فأصابع يديه عشر يعد عليها وبفطرة الإنسان التي خلق عليها يعد الطفل وهو يتعلم الحساب على أصابعه ما يريد من أعداد ، وجعل للإنسان في فمه عدداً من القواطع والآخر من الأنياب ومجموعة من الضروس المختلفة في فكيه الأعلى والأسفل ويعدها في فمه وفم غيره وخلق الله للإنسان عينين اثنين .. ولساناً واحداً .. وشفتين .. ووجه نظره إلى هذه الحقائق فيقول عز من قائل :
ألم نَجـْعل لـَّه عَيْنَيْنٍ ولِسَاناً وشَـفـَتَيْنِ " "1"
فإنَّ حديث الأرقام لا كذب فيه ... وناتج العد والحساب لا خوف منه ولا خلاف عليه والقرآن الكريم .. كما أورد الأعداد .. كلها .. والأرقام جميعها فإنه دعا إلى العد والحساب ) "2"
الأعداد في القرآن :
( كما أورد القرآن الكريم كل أصول وحقائق العلوم المختلفة فقد أورد كذلك الأعداد باعتبارها أصول علم الحساب .. وأساس الأرقام .. وعلامة الترقيم) "1"
( ومن المعلوم أن الأعداد إما أن تكون مفردة من 1 إلى 10 ، أو مركبة من 11 إلى 19 أو ألفاظ عقود من ثلاثون إلى تسعون أو مئات أو ألوفا أو أن تكون مثل نصف أو ثلث أو ربع الخ الخ وجميع ما ذكر أعلاه وارد في القرآن الكريم . أما ألفاظ المليون وما زاد عنه فلا توجد في القرآن الكريم لأنها ألفاظ غير عربية ، ولم يكن يعرفها العرب ، فإذا أرادوا أن يقولوا مليونا فيقولون : ألف ألف ، وخمسة ملايين يقولون عنها خمسة آلاف ألف .. وهكذا ."2"
وقد وردت الأعداد في القرآن الكريم منها :
* الأعداد المفردة : ( من 1 إلى 10 ) وردت كل هذه الأعداد في كتاب الله تعالى مثل العدد (1) ورد في النص الشريف :
قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ "3"
والعدد إثنان ورد في مثل النص الكريم :
وَقَالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ "4"
والعدد ثلاثة ورد في مثل النص الشريف :
لاَ تُقولُوا ثلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ "5"
والعدد أربعة ورد في مثل قوله تعالى :
فَسِيحُوا فِي الأرضِ أربَعةَ أشهُرٍ "6"
والعدد خمسة ورد في مثل قوله تعالى :
ويَقُولُونَ خَمْسَةٌو سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ "1"
والعدد ستة ورد في مثل قوله تعالى :
إنَّ ربَّكُمُ اللَّهُ الذِي خلقَ السماواتِ والأرضَ فِي سِتَّةِ أيَّامٍ "2"
والعدد سبعة ورد في مثل قوله تعالى :
لَهَا سَبْعَةُ أبْوابٍ لِّكلّ بَابٍ مِّنْهُم جـُزْءٌ مَّــقْسُوم ٍ "3"
والعدد ثمانية ورد في مثل قوله تعالى :
ويَحْـمِـلُ عَــرْشَ رَبِّكَ فَوقَهُـمْ يَوْمـَـئِذٍ ثمَــانِيَةٌ "4"
والعدد تسعة ورد في مثل قوله تعالى :
وكَانَ فِي الْمدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلحُِونَ "5"
والعدد عشرة ورد في مثل قوله تعالى :
لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَاقَدتُّمُ الأيْمانَ فَكَفَّارتُهُ إِطعَامُ عشْرةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهْليِكُمْ أو كِسْوتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ "6"
( فهذه هي أصول الأعداد كلها وأسس المحاسبات جميعها .. فالقرآن الكريم يهدف دائماً إلى توجيه نظر الإنسان إلى البحث والدراسة والمعرفة فقد أورد القرآن بعض الأعداد المركبة من رقمين حتى تتَّسِع أمام الإنسان رقعة التفكير في العمل الحسابي والإستمرار في الإستخدام العددي )" "1"
• الأعداد المركبة من 11 على19 ورد منها ألفاظ الأعداد التالية
• كقوله تعالى:
• إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَاأَبَتي إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَر كَوْكَبًا والشَّمسَ والْـقَمـَرَ رأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ "2"
• والعدد اثني عشر ورد في مثل قوله تعالى :
إِنَّّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّه اثْنَا عَشْر شَهْراً في كِتاَبِ اللَّّّهِ "3"
• والعدد تسعة عشر ورد في النص الكريم :
وَما أَدْرَيكَ ما سَقَرُ لاَ تُبْقيِ ولا َتَذَرُ لَوَّاحَةٌ لِّلبَشَرِ عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ "4"
• ألفاظ العقود من 20 إلى 90 وردت جميعها في كتاب الله سبحانه وتعالى ومن الأمثلة على ذلك :
والعدد 20 ورد في قوله تعالى :
يَأيُّها النَّبِيُّ حـِّرضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلى الْقِتَالِ إِن يَّكُن مـِّنكُمْ عِشْرُونَ صـَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِـاْئَتَيْنِ "5"
والعدد 30 ورد في قوله سبحانه وتعالى :
وَوَ صَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِـدَيْهِ إِحْسَانًا حَملَتْهُ أمُّـّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُـهُ وَفِصَالُـهُ ثَلاَثُونَ شَهْـراً "1"
"والعدد أربعون ورد في قوله تعالى :
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذتُّمُ الْعِجْـلَ مِـن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ "2"
والعدد خمسون ورد في قوله تعالى :
ولقَدْ أَرْسَلْـنَا نُوحاً إِلىَ قَومِهِ فَلبِثَ فِيهِم ألْـفَ سَنَةٍ إِلاَّ خـَمْسِينَ عَاماً فأخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ "3"
والعدد سبعون ورد في قوله تعالى :
ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ "4"
والعدد ثمانون ورد في قوله تعالى :
والَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جـَلْدةً ولَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ""5"
والعدد تسعون جاء في قوله تعالى :
إِنَّ هـَذا أخِي لـَهُ تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجـَةٌ ولِي نَعْجـَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيَها وَعَزَّنِي فِي الْـِخِطَابِ "6"
بل أورد القرآن الكريم أيضاً بعض الآيات المركبة من ثلاث أرقام فقد جاء في المئات قوله تعالى :
فأَمـَاتَهُ اللَّهُ مِـاْئَةَ عـَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مـِاْئةَ عَـامٍ "1"
والعدد ثلاثمائة ورد في النص :
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَمَائـَةٍ سِنِينَ وازْدَادَوُا تِسْعاً "2""
وأورد كذلك الأعداد المركبة من أربعة أرقام :
فلقد جاء ذكر العدد ألف وأيضاً العدد ألفين في النص الشريف :
وَإِن يَّكُن مـِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مـَعَ الصَّابِرِينَ "3"
وثلاثة آلاف ورد ذكرها في النص الشريف :
إِذْ تَقُــولُ لِلْمـُؤْمـِنِينَ أَلَن يَّكْفِيكُمْ أَن يُّمـِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آَلَافٍ مِّـنَ الْمَلاَئَِكَةِ مُنزِلِـينَ "4"
والخمسة آلاف جاء ذكرها في قوله تعالى :
بَلَى إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّـن فَوْرِهِمْ هـَذَا يُمْـدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخـَمْسَةِ آَلاَفٍ مِّـنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوَّمـِينَ "5"
بل أورد القرآن الكريم العدد المركب من خمسة أرقام وذلك في قوله تعالى :
وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِـاْئـِةِ أَلْـفٍ أَوْ يَزِيدُونَ "6"
وكقوله تعالى :
( تَعْرُجُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِـقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) "1"
وكقوله تعالى:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِـن دِيَارِهِمْ وَ هُم ْأُلـُوفٌ حَـذَرَ الْمَـوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مـُوتُوا ثُمَّ أَحَيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ "2"
وكما ورد الأعداد الصحيحة في القرآن الكريم وردت كسور الأعداد فورد نصف/ ثلث/ ربع/ خمس/ سدس/ ثمن/ عشر/ ثلثان/ وأكثر هذه الكسور موجودة في آيات المواريث ..
وورد النصف في قوله تعالى :
وَلَكُمْ نِصْفُ مـَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ "3"
وذكر القرآن الثلث في قوله تعالى :
إِن لَّمْ يَكُن لَّـهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ "4"
وذكر القرآن الربع في قوله تعالى :
فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرٌّبُعُ مـَمَّا تَرَكْنَ "5"
وورد الخمس في قوله تعالى :
وَاعْـلَموا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّـن شَيْءٍ فَإِنَّ لِلهِ خُمُسَهُ "6
"وورد السدس في قوله تعالى فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأِمِّهِ السُّدُسُ ) "7"
وذكر القرآن الثمن في قوله تعالى :
فَإِن كَانَ لـَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِـمَّا تَرَكْتُمْ "1"
( ولا يوجد في القرآن الكريم لفظ "عشر" بضم فسكون , إنما الذي في القرآن لفظ "معشار" وآيته من القرآن الكريم ) "2"
وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَاآَ تَيْنَاهُمْ فكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ نَكِيرِ "3"
قال الجوهري: " ومعشار الشيء عشره " "4" وقال القاموس " والعُشْرُ جزءُ منْ عشرةُ كالمِعْشَارِ والعُشْرُ " والمعشار والعشر سواء .
وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا أَتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُليِ فَكَيْفَ
كَانَ نَكِير .
فيكون المعنى كما نص عليه الزمخشري " وما بلغ هؤلاء مثلما آتينا أولئك من طول الأعمار وقوة الأجرام وكثرة الأموال فحين كذّبوا رسلهم جاءهم إنكاري بالتدمير والاستئصال ولم يغن عنهم استظهارهم لما هم به مستظهرون فما بال هؤلاء ؟ "
والهدف : لا مفهوم للعدد بل هو كناية عن أقل نسبة تذكر مما أوتيه هؤلاء بالقياس إلى ما أوتيه سابقوهم من الأمم الخالية .
وقد ورد لفظ مثنى وثلاث ورباع في قوله تعالى :
( الحَمْدُ للّهِ فَاطِرِ السَّماوَاتِ والأرْضِ جَاعِلِ المَلائكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ ) "5"
وهكذا يذكر القرآن الأعداد للإنسان .. وأن فيما أورده .. إنما يتكون منه ما يمكن أن يستخدمه أو يصل إليه الإنسان من أرقام وحتى إلى نهاية الزمان .